ما من شك أن الاقتصاد الوطني عانى الأمرين على أيدي عصابات بن علي وأصهاره، الذين استعانوا بخيرة من خبراء الاقتصاد التونسيين لنهب الممتلكات والأموال العامة وتبييضها لفائدتهم مما نتج عنه عجز شديد في الاقتصاد التونسي انعكس سلبا على نمو البلاد...أسفر على ارتفاع رهيب للبطالة وتدني الأجر الأدنى لما تحت الخط الأحمر للفقر وتهميش العديد من جهات البلاد وبالأخص الشمال والوسط والجنوب الغربي واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء، وبين القطاع العام والقطاع الخاص...هذا الأخير الذي لم تعد أجوره التي يتقاضاها عماله وموظفوه تغني من جوع مقابل شطط العيش وانهيار مقدرتهم الشرائية مقارنة بالأجور المرتفعة والحقوق التي يتمتعون بها نظرائهم في القطاع العام...وقد كنا جميعا نأمل في أن الثورة ستقتلع الفساد من جذوره وتعيد النصاب...لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن...فضعف الدولة وشبه انهيار أجهزتها التنفيذية وفقدانها لهيبتها واحترام رموزها وعدم المحاسبة مكن من ظهور مافيا فساد أشد ضراوة وفتكا بالاقتصاد مما سلف...هذه المافيا الأخطبوطية الأشد خطورة في تاريخ تونس امتدت أذرعها وتغلغلت في كامل عصب الدولة ومؤسساتها وبعثت العديد من الصناديق التمويلية وجمعيات ومنظمات بأسماء مستعارة لغسل وتبييض الأموال العمومية المنهوبة بجميع الطرق فاقت كل التصورات بكثير ألحقت أضرارا جسيمة بالاقتصاد الوطني أدت لشطب النقاط الائتمانية لتونس وتصنيفها من عدة دول غربية منها بلجيكا مؤخرا بانها مركز لغسل وتبييض الأموال والتحيل العالمي...وقد كشفت عدة أبحاث مجرات في الغرض أن مافيا الفساد وراء تمويل العديد من الأحزاب والجمعيات والمنظمات القذرة وكذلك الإرهاب...السؤال الذي يطرحه المواطنون بإلحاح شديد: متى ننتهي من التجاذبات السياسية الرعناء ونلتفت لاجتثاث الفساد ومحاسبة الضالعين فيه بكل صرامة ؟؟؟ أم ننتظر الطوفان ؟؟؟.
بقلم رضا العجيمي
komentar masuk : 0
Enregistrer un commentaire